أخيراً حصلت الحكومة الجديدة على ثقة المجلس النيابي ليبدأ رئيسها سعد الحريري مرحلة جديدة عنوانها الإنتخابات النيابية بقانون جديد غير قانون الستين النافذ. وفيما مشاورات البحث عن قانون الإنتخاب مفتوحة في كل الإتجاهات بين الأفرقاء السياسيين، لا سيما الذين يتضررون من إعتماد النظام النسبي كتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، تتركز أنظار رئيس الحكومة على الدوائر الإنتخابية التي تنتظره فيها معارك شرسة، وهذا ما يرشح بوضوح من الإجتماعات التي يعقدها مع فريق عمله السياسي. وفي المعلومات يعبّر رئيس تيار المستقبل عن إرتياحه الإنتخابي في العاصمة بيروت، وتحديداً في دائرتها الثالثة، حيث لا معارض حقيقي له، ولا منافس جدّي، ويعوّل على رئاسة الحكومة وما يمكن أن يقدمه من خدمات من خلالها لتعويض ما خسره في الإنتخابات البلدية لمصلحة لائحة بيروت مدينتي، ولكن في جميع الأحوال، يفوق إرتياح التيار الأزرق في هذه الدائرة قلقه وخوفه من أي خسارة حتى لو تغيّر قانون الإنتخاب، الأمر الذي قد يدفعه الى إبرام تحالفات سياسية مع أفرقاء كالحزب الإشتراكي وحزب الله والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. تحالفات ولو خفّضت عدد نواب كتلته بشكل بسيط، يكون هذا التخفيض لصالح مكونات وأفرقاء من خارج الملعب السني.
راحة الحريري في بيروت تنسحب أيضاً على بوابة الجنوب صيدا، حيث بات معروفاً حجم التنظيم الشعبي الناصري، الذي أثبت أنه لا يمكنه أن يحصد أكثر من ثلث أصوات المقترعين، ويذهب ما تبقى من الأصوات لصالح لائحة التيار وهذا ما أثبتته الإنتخابات النيابية عام 2009 والبلدية عام 2016. "كذلك هو الوضع في دائرتي عكار والمنية-الضنية" يقول مقرب من الحريري "التي يمكن للتيار أن يخوض فيهما معركة شبه مرتاحة ضد منافسيه، من سنّة الثامن من آذار، ولو أضطر الأمر الى التحالف مع الثنائي المسيحي العوني-القواتي".
أما المشكلة لرئيس الحكومة، ستكون في عاصمة الشمال طرابلس، حيث تنتظره المنازلة الإنتخابية الأقوى، منازلة سببها وجود أكثر من شخصية طرابلسيّة لها قاعدة تمثيليّة، في الجبهة المقابلة لفريق الحريري، "وما زاد الطين بلّة عملية تشكيل الحكومة" تقول المصادر المتابعة. رأس حربة هذه الجبهة التي ستواجه الحريري إنتخابياً هو اللواء المتقاعد أشرف ريفي، الذي أقفلت كل أبواب مفاوضات المصالحة بينه وبين الحريري، والذي لا يمكن للثاني أن يتحالف معه، ولا حتى ريفي يفكّر بهذا الأمر. وفي هذا السياق لا يسقط الحريري من حساباته أن يستعمل ريفي في الإنتخابات البلدية كل الخدمات التي يجريها في المدينة عبر المجلس البلدي المحسوب عليه.
في هذه الجبهة أيضاً سيكون رئيس الحكومة السابق نحيب ميقاتي الذي غاب وعضو كتلته النائب أحمد كرامي عن جلسة الثقة وأصدر بياناً هاجم فيه حكومة الحريري. وفي الجبهة أيضاً الوزير السابق فيصل كرامي الذي يملأ وقته في الأيام الأخيرة بكتابة البيانات المهاجمة لرئيس الحكومة، وبالردّ على بيانات الرد عليه التي يصدرها نواب التيار الأزرق. كذلك نائب عكار خالد ضاهر الذي يمضي معظم أوقاته في طرابلس، سيكون ضد الحريري على ما يبدو بعد عدم توزيره في الحكومة.
أمام هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم بالنسبة الى قيادة الأزرق، هل سيجتمع جميع من وردت أسماؤهم أعلاه في لائحة واحدة، أم أن الخلافات فيما بينهم على توزيع المقاعد سيفتح الباب من جديد على التفاوض مع غير الراضين منهم؟!.